Abraham-Louis Breguet

وُلد أبراهام-لويس بريغيه (10 يناير 1747 – 17 سبتمبر 1823) في نوشاتيل، سويسرا، ويُعد أحد أكثر صانعي الساعات ابتكارًا في التاريخ. لم تقتصر مساهماته في علم قياس الزمن على إحداث ثورة في صناعة الساعات فحسب، بل جعلته أيضًا شخصية مؤسسة في عالم “الساعات الراقية” (Haute Horlogerie). لم تكن إبداعاته مجرد أدوات لقياس الوقت، بل مزيجًا من الدقة والهندسة الفنية والإبداع، مما جعل تأثيره مستمرًا في صناعة الساعات حتى يومنا هذا.
انتقل بريغيه إلى باريس في سن المراهقة، حيث تدرب على يد كبار صانعي الساعات. وفي عام 1775، افتتح ورشته الخاصة في جزيرة إيل دو لا سيتي. سرعان ما لفتت نجاحاته المبكرة انتباه الطبقة الأرستقراطية الفرنسية، مما أكسبه سمعة مرموقة في الدقة والإتقان. كانت الملكة ماري أنطوانيت من بين أشهر زبائنه، وقد كلفته بصنع واحدة من أشهر الساعات في التاريخ، وهي ساعة جمعت بين جميع ابتكارات بريغيه الثورية.
خلال مسيرته، قدم بريغيه العديد من الابتكارات التي غيرت صناعة الساعات. ففي عام 1780، ابتكر أول ساعة ذاتية التعبئة، والتي أطلق عليها اسم “Perpétuelle”. ألغت هذه التقنية الحاجة إلى تدوير الساعة يدويًا، مما شكل تقدمًا ثوريًا في ذلك الوقت. كما طور نابض بريغيه (Breguet Overcoil)، وهو تحسين لتوازن النابض أدى إلى زيادة دقة الساعات الميكانيكية.
لكن الابتكار الأكثر شهرة لبريغيه كان اختراع “التوربيون” عام 1801، وهو آلية مصممة لمواجهة تأثير الجاذبية على دقة الساعة. كان هذا الاختراع ذا أهمية خاصة للساعات الجيبية، التي غالبًا ما تُحمل في وضع عمودي. وحتى اليوم، لا تزال تقنية التوربيون تُعتبر رمزًا في عالم صناعة الساعات الراقية.
لم تكن ساعات بريغيه مجرد أعاجيب هندسية، بل أيضًا أعمالًا فنية راقية. فقد ركزت تصاميمه على الأناقة والبساطة، مبتعدًا عن الأساليب المزخرفة التي كانت شائعة في عصره. ومن أبرز عناصره الجمالية “عقارب بريغيه”، التي تتميز بنهايتها المجوفة على شكل “هلال”، إلى جانب الأقراص المزينة بنمط “Guilloché”، وهي تفاصيل أيقونية لا تزال تؤثر على تصميم الساعات الحديثة.
بحلول أوائل القرن التاسع عشر، امتدت شهرة بريغيه إلى ما وراء أوروبا. فقد صنع ساعات لشخصيات بارزة مثل نابليون بونابرت والقيصر ألكسندر الأول ملك روسيا. كما أصبح مشغله مركزًا عالميًا للابتكار، وحصل على لقب “صانع الساعات الرسمي للبحرية الفرنسية”.
توفي أبراهام-لويس بريغيه عام 1823، لكن إرثه لا يزال حاضرًا بقوة. فحتى يومنا هذا، تظل ساعات “Breguet” مرادفًا للدقة والفخامة والأناقة الخالدة، محققة رؤية مؤسسها الذي غيّر فن قياس الزمن إلى الأبد.