Jacky Fideles
قصتي ستكون مختلفة قليلاً عن قصص بعض العارضات الأخريات، اللاتي لم يحلمن أبداً بصناعة الموضة. أنا دائماً أردت ذلك. ما زلت أتذكر عندما كنت في الرابعة من عمري، أراقب التلفاز مع أمي، وأرى العارضات يسيرن على منصة العرض، وهن يرتدين تلك الفساتين الجميلة، ووقعت في حب هذا العالم على الفور. منذ ذلك الحين لم يستطع أحد تغيير رأيي!
بينما كان أصدقائي في المدرسة يحلمون بأشياء أخرى، كنت دائماً أحلم بكيفية أن أصبح عارضة أزياء محترفة. كل يوم، كنت أنظر إلى السماء وأفكر أنه في يوم من الأيام سأطير بعيداً عن ساو باولو. كنت أجمع قصاصات من المجلات تحتوي على صور لأفضل العارضات من البرازيل وأماكن أخرى في العالم، وأشاهد عروض فيكتوريا سيكريت وعروض أسبوع الموضة، وكنت ألتفت إلى تلك الصور على الحائط، أصنع نوعاً من لوح أحلامي الشخصي.
حتى أنني بدأت العمل في مركز تجاري لتوفير المال من أجل عمل أول كتاب عارضة أزياء لي، وحاولت المشاركة في أحد مسابقات العروض العديدة في البرازيل. لذلك، حاولت بكل قوتي العثور على وكالة جيدة لتحقيق هذا الحلم. لم تكن المهمة سهلة على الإطلاق، وتم رفضي من قبل معظم الوكالات الكبيرة في ساو باولو، حيث قالوا إنني قصيرة جداً بالنسبة لهم، أو أن جمالي تقليدي جداً، وما إلى ذلك. ومع ذلك، كان والدي دائماً يعطوني الكثير من القوة والدعم، ولم يدعوني أستسلم لحلمي.
يوم حظي، عندما “تحولت المياه إلى نبيذ”، كان عندما لاحظني مدير إحدى الوكالات في لندن. بعد المقابلة مباشرة، سمعت منه: “شكراً لك، وأراك في لندن!” تألقت عيوني بالسعادة! بعد بضعة أشهر، في نهاية أغسطس من عام 2015، كنت في طريقي إلى لندن، دون أن أعرف اللغة الإنجليزية، ومعي فقط 80 جنيه إسترليني في جيبي، بلا بطاقة ائتمان، وهاتف محمول ببطارية شبه فارغة. ولكن مع أحلامي الكبيرة، لم أخف من مواجهة كل تلك الصعوبات. عندما وصلت إلى لندن، استقبلتني المدينة بمطر، لكنني لا زلت أحببتها تقريباً من الدقيقة الأولى.
أخذني سائق الوكالة من محطة بادينغتون إلى شقة العارضة. الحمد لله أنني لم أضع طريق في ذلك اليوم! كان هناك عارضة ألمانية تعيش هناك، وقد ساعدتني كثيراً. عندما تكونين عارضة، تلتقين بالكثير من الأشخاص المختلفين! أذكر أنني كان لدي زميلة سكن من البرازيل، وفي البداية لم نتفق معاً، لكن لم يستغرق الأمر سوى حفلة واحدة لنكتشف أننا نتشارك نفس الطاقة، ورقصنا كثيراً لدرجة أنني لم أقابل أحداً آخر بنفس الفرح. لا نزال أصدقاء مقربين معها حتى اليوم. وفي مرة أخرى، عندما كنت في رحلة عرض أزياء إلى تركيا، رأيت الثلج لأول مرة في حياتي – كان ذلك مدهشاً لدرجة أنني أيقظت زميلتي في السكن على الفور حتى لا تفوت المشهد وتنظر إلى النافذة معي. ولكن… تبين أنها من روسيا، ربما لديهم الكثير من الثلج منذ الطفولة، لذلك لم يكن هناك شيء جديد بالنسبة لها مع تلك التثلجات البيضاء!
أما بالنسبة للمملكة المتحدة، فكانت وظيفتي الأولى ليست في لندن مباشرة، بل في مدينة أخرى هي مانشستر، لذا كان عليّ أن أركب قطاراً لمدة ساعتين للوصول إلى هناك. كنت خائفة جداً من أن أفوت القطار، لذا وصلت إلى المحطة مبكراً جداً، وكان الأمر وكأنني يجب أن أنتظر لأبد الآبدين. عندما صعدت إلى القطار، نمت على الفور واستيقظت وأنا في خوف من أنني فاتني المحطة، ولكن لحسن الحظ، طمأنني رجل إنجليزي مسن قائلاً أن مانشستر ستكون المحطة الأخيرة، لذا يمكنني العودة للنوم!
في نفس اليوم، حصلت على وظيفة أخرى، ومرة أخرى كان عليّ استخدام القطار للوصول إلى هناك، لأنه تبين أنه… في اسكتلندا! أقسم أنني لا أعرف كيف تمكنت من القيام بكل هذا تقريباً دون التحدث بالإنجليزية على الإطلاق.
بدأ وقتي في لندن بشكل جيد جداً، لذا بدأت أحلامي تتحقق تدريجياً، وشاركت في المزيد من جلسات التصوير والحملات لعدد من المجلات البريطانية في مختلف أنحاء البلاد. بعد فترة من العمل في المملكة المتحدة، حصلت على فرصة للتسجيل في وكالة أمريكية. وكان ذلك الحلم الأكبر الذي تحقق قريباً! بدأ الأمر من ميامي، ثم أخيراً نيويورك! لم أشعر أبداً بالبرد كما شعرت في نيويورك. حتى بعد العيش في لندن، كانت نيويورك بالنسبة لي باردة جداً! وكل شيء كان مختلفاً هناك. كنت أعيش علاقة حب وكره مع المدينة في البداية، لكنني اعتدت على أسلوب الحياة المكثف في النهاية وأعجبت بأجواء المدينة أيضاً. وللتغلب على التوتر الناتج عن حياة العارضات المزدحمة، بدأت في أخذ دروس في ملاكمة موياي تاي، وهو ما ساعدني كثيراً!
عندما كنت في نيويورك، رأيت فأراً في الشقة واتصلت بزميلتي في السكن لأخبرها أننا لدينا “ميكي ماوس” ينتظرها في المنزل. هاها، أصابتها صدمة وصاحت بصوت عالٍ لدرجة أن الجيران نزلوا لاحقاً للاعتراض على ذلك لدى المالك! 😂 ومع ذلك، كان الفأر صغيراً فقط وكان يبدو كعنصر إضافي في الديكور حيث كان جالساً تحت جهاز التلفزيون عندما لاحظتها. لم نتمكن من الإمساك بها رغم ذلك!
أنا ممتنة للغاية وما زلت متحمسة للغاية لأنني استطعت العمل مع العديد من الأشخاص المبدعين في جميع أنحاء العالم، وزيارة العديد من البلدان وتحقيق حلم طفولتي في أن أصبح عارضة أزياء ناجحة. الآن، أنا في لندن مجدداً، ومعي مزيد من القوة والشجاعة للعمل. “جاكي الصغيرة” داخلي فخورة جداً بكل ما حققته وكل ما هو قادم قريباً. لا تتخلي أبداً عن أحلامك!
