سيرة

بيير ألكسندر كلاوديوس بالمين (1914 – 1982) كان مصمم أزياء فرنسيًا ومؤسس دار الأزياء الرائدة بعد الحرب بالمين.

وُلِد بيير في 18 مايو في بلدة سان جان دو موريان الفرنسية. كان والده يملك مصنعًا صغيرًا للملابس، بينما كانت والدته مستشارة في الأناقة. منذ طفولته، أحب بيير مراقبة إبداع وعمل والديه، حيث كان مفتونًا بعملية تصميم الملابس الفاخرة، التي بدت له وكأنها معجزات خالصة.

بعد تخرجه من المدرسة، غادر بيير مسقط رأسه متجهًا إلى عاصمة فرنسا — باريس. في عام 1934، التحق بأكاديمية الفنون الجميلة (Académie des Beaux-Arts)، حيث بدأ دراسة الهندسة المعمارية. كان يقضي وقته في الأكاديمية خلال النهار، بينما يكرس أمسياته لرسم تصاميم الفساتين الفاخرة. وبمحض الصدفة، أتيحت له الفرصة للقاء المصمم الشهير آنذاك، روبرت بيجيه، وعرض عليه بعضًا من رسوماته. قدَّر المصمم موهبته كثيرًا واشترى منه ثلاثة تصاميم، مما ساعد بالمين على إدراك أن تصميم الأزياء الفاخرة هو شغفه الحقيقي.

لم يكن بدء مسيرته كمصمم أمرًا سهلاً على الإطلاق: حاول بيير العمل في بعض مشاغل باريس لتعلم أساسيات الخياطة، وكان على استعداد للعمل كمنظف كبداية، لكنه لم يتمكن من الحصول على وظيفة في أي دار أزياء طوال عام كامل.

في عام 1936، ابتسم له الحظ مرة أخرى، حيث دعاه مصمم الأزياء الباريسي الرائد إدوارد مولينو للتدريب في مشغله. لكي لا يفوّت هذه الفرصة، قرر بيير ترك دراسته في الأكاديمية. ومع ذلك، تلاشت هذه الفترة المشرقة سريعًا عندما تم تجنيده في الجيش لمدة عامين. وبعد إنهاء خدمته العسكرية وعودته إلى باريس، اكتشف أن مكانه في دار إدوارد مولينو قد تم إعطاؤه لشخص آخر.

لم ييأس بيير، ونجح في الحصول على وظيفة في مشغل لوسيان لولونج، حيث جمعت الأقدار بينه وبين مصمم شاب غير معروف آنذاك — كريستيان ديور. بعد ست سنوات من التعلم، لاقت أول مجموعة له بالتعاون مع ديور نجاحًا فوريًا، بفضل أسلوبه الفريد في التطريز واستخدام الأقمشة الفاخرة.

في عام 1945، افتتح بيير بالمين دار أزيائه الخاصة وأول بوتيك له في باريس. وفي العام نفسه، أطلق مجموعته الأولى، التي تضمنت الكيمونو بتصاميم غير مألوفة، والبدلات الرسمية، وفساتين السهرة الفاخرة المزينة بالكريستال والتطريز. وفي عام 1947، أصبح الشاب كارل لاغرفيلد مساعدًا له، حيث عمل معه لمدة تسع سنوات.

في عام 1947 أيضًا، ابتكر بالمين عطره الأول “Elysees 64-83″، وهو رقم هاتف ورشته الفاخرة.

في عام 1950، أقيم أول عرض أزياء لبالمين في الولايات المتحدة، كما افتتح بوتيكًا جديدًا له في نيويورك. ساعده هذا على تحقيق شهرة أوسع بين نجوم السينما، وبدأت تصاميمه تظهر في العديد من الأفلام الشهيرة.

في أواخر الخمسينيات، أحدث بيير بالمين ثورة في عالم الأزياء الراقية من خلال تصميم فساتين الكوكتيل القصيرة، والتي كانت تُعتبر آنذاك جريئة جدًا. ومع ذلك، حقق هذا الابتكار نجاحًا هائلًا.

عند تصميم أزيائه الجديدة، بدأ بالمين باستخدام المزيد من الزخارف المستوحاة من الفن العالمي، حيث اعتمد على الأنماط الشرقية المعقدة المعروفة بالأرابيسك، واستخدم الذهب والبرونز واللؤلؤ، مما ميز تصاميمه عن بقية المصممين.

في عام 1960، صمَّم بيير بالمين خزانة ملابس كاملة للملكة سيريكيت، ملكة تايلاند، خلال جولتها في الولايات المتحدة.

وفي عام 1970، ارتدى طاقم الخطوط الجوية الماليزية – السنغافورية (المعروفة لاحقًا باسم الخطوط الجوية السنغافورية) الزي الرسمي الذي صممه بالمين، كما ارتدت أول قائدة طائرة في الخطوط الجوية الفرنسية زيًا صممه بالمين في عام 1975.

في عام 1980، تم ترشيح بالمين لجائزة توني لأفضل تصميم أزياء، كما فاز بجائزة “Drama Desk Award” للتصميم المتميز للأزياء.

توفي بيير بالمين عن عمر يناهز 68 عامًا بسبب مرض السرطان في باريس، بعد أن أنهى للتو رسومات مجموعته لخريف ذلك العام.